كتب غسان الكحلوت أن الهجوم الإسرائيلي على وفد التفاوض التابع لحماس في الدوحة هذا الأسبوع شكّل تصعيدًا خطيرًا في الحرب الإقليمية. فقد وقع الهجوم بينما كان الوسطاء يناقشون مقترحًا لوقف إطلاق النار، في خطوة وُصفت بأنها محاولة يائسة لتفكيك الإطار الدبلوماسي الهش الذي بُني عبر سنوات من المفاوضات.

أوضح ميدل إيست آي أن الضربة لم تستهدف فقط مسار الوساطة لإنهاء الحرب على غزة، بل مثّلت تهديدًا مباشرًا للدبلوماسية وللنظام الدولي. فالدوحة كانت لعقود مركزًا للحوار الإقليمي مع جميع الأطراف بما فيها حماس، وجاء استهدافها ليؤكد أن إسرائيل تجاوزت عتبة خطيرة، وضربت في عمق العملية السياسية.

أشار الكاتب إلى أن هذا الهجوم وقع وسط بيئة إقليمية متدهورة أمنيًا، حيث تشهد المنطقة أخطر مرحلة من الاضطراب منذ عقود. فخلال أسابيع قليلة امتدت الضربات الإسرائيلية إلى لبنان والضفة الغربية وسوريا وتونس واليمن، قبل أن تصل إلى قطر. هذه ليست أحداثًا منفصلة بل استراتيجية متعمدة لإضعاف الدول ذات السيادة وزعزعة الاستقرار الإقليمي، بما يعيد للأذهان أجواء النكبة عام 1948 وما تبعها من فوضى.

أكد الكحلوت أن الهجوم على قطر يحمل أبعادًا تتجاوز حادثة واحدة، ويمكن قراءته من أربع زوايا رئيسية. أولها أن إسرائيل تبعث برسالة مفادها أن أي دولة من باكستان إلى المغرب ومن تركيا إلى السودان قد تكون عرضة للهجوم. هذا يضع سابقة خطيرة تتحدى فكرة السيادة ذاتها.

البعد الثاني يرتبط بالدور الأمريكي. فبدون الدعم السياسي والعسكري والاستخباراتي من واشنطن، ما كان يمكن للحرب على غزة أن تستمر أو أن تمتد إقليميًا. التغطية الأمريكية، سواء باستخدام حق النقض في مجلس الأمن أو عبر تزويد السلاح والمعلومات، خلقت مناخًا من الحصانة لإسرائيل، ما جعلها تتصرف وكأنها فوق القانون الدولي. الكاتب يرى أن هذا التواطؤ قوض مصداقية الولايات المتحدة وأضعف النظام الدولي الذي تزعم الدفاع عنه.

أما البعد الثالث فيتعلق بمجلس التعاون الخليجي الذي يواجه اختبارًا مصيريًا. فإذا استطاعت إسرائيل استهداف عضو مؤسس مثل قطر دون رد، فسيفقد الإطار الدفاعي للمجلس معناه. وينطبق ذلك أيضًا على الجامعة العربية التي يتعين عليها إدراك أن ما يحدث ليس سلسلة حوادث منعزلة، بل سياسة أوسع لانتزاع السيادة من دول المنطقة.

البعد الرابع يخص الأمم المتحدة التي تبدو عاجزة أمام التمادي الإسرائيلي في خرق القرارات الأممية. استعادة دورها يتطلب تجاوز البيانات الرمزية نحو تحقيقات عاجلة، جلسات طارئة، وإجراءات ملزمة تفرض المحاسبة. وفي حال غابت خطوات عملية، سيتكرس واقع جديد حيث تحل القوة والعنف محل القانون الدولي والمعايير الجماعية.

خلص الكحلوت إلى أن ضربة إسرائيل في قطر لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل هجوم على السيادة والاستقرار والأمل في حلول سلمية. وإذا مرّ هذا الحدث من دون رد موحد وحاسم، فسيرسم ملامح مرحلة جديدة تعيد تشكيل المنطقة وتهدد النظام العالمي لعقود مقبلة. وأمام قادة العرب والعالم اليوم خياران لا ثالث لهما: إما التحرك لحماية الاستقرار والسلام، أو ترك الأعراف الدبلوماسية تنهار تحت وطأة العنف والإفلات من العقاب.

https://www.middleeasteye.net/opinion/after-israel-strike-doha-gcc-faces-defining-moment